طبعا الجميع يعرف جيدا مايكروسوفت ، هذا ان لم تكون في رحلة الى كوكب
المريخ في نصف من القرن الماضي ، هذا إذا لم تستعمل أصلا احد منتوجاتها في
مكوكك الفضائي. مايكروسوفت استطعت بكل جدارة ان تحفر اسمها في تاريخ
البشرية كأحد الشركات التي أثرت في حياة الانسان في هذا الكوكب . في هذه
التدوينة اخترت عزيز القارىء ان اتكلم عن بعض الاساطير والحقائق التي
يجهلها الكثير منا عن هذا العملاق الأتي من بلاد العم سام .
1.مايكروسوفت لم تخترع الويندوز !
في وقت مبكر من سنوات السبعينات في القرن الماضي، تمكن فريق من الباحثين في
مركز أبحاث "بالو ألتو"، زيروكس (بارك)، بابتكار أول جهاز كمبيوتر شخصي
الذي جاء بمفهوم الويندوز (الواجهة الرسومية) بما في ذلك الرموز والقوائم
والمؤشر (الماوس) .
كان" زيروكس التو" مدمجا ببيئة نظام التشغيل تسمى "Smalltalk"، والتي أنشئت
في المختبر من قبل الباحثين في" زيروكس بارك". أواخر عام 1979،قام مجموعة
من المهندسين والمديرين التنفيذيين لشركة آبل بقيادة ستيف جوبز بزيارة
لزيروكس (بارك)، وكان الهدف من هذه الزيارة هي اكتشفت وظائف الماوس
والنوافذ والأيقونات، وغيرها من التقنيات التي وضعتها زيروكس (بارك) في
نظامها الجديد آنذاك.لكن سرعان ما فتن ستيف جوبز بهذه الواجهة وامكانيتها
الثورية التي لم ينتبه اليها مبتكريها ! وطلب منهم الوثائق الفنية للمنتج،
وزيروكس أعطت له ببراءة ما طلب [ملاحظة: يمكن رؤية هذا المشهد في فيلم "قراصنة وادي السيليكون"].
بعد ذلك أطلقت آبل في عام 1983 جهاز "أبل-ليزا"، أول جهاز كمبيوتر تجاري
يأتي مع واجهة ويندوز، أو ويندوز.وتم استخدام وظائف مماثلة للواجهة في
نماذج ماكنتوش الأكثر شعبية. لكن في عام 1985 قام بيل غيتس باطلاق النسخة
الأولى من نظام تشغيل ويندوز 1.0 والذي استخدم فيه نفس الواجهة الرسومية
لنظام" زيروكس "بالإضافة لبعض أجزاء الواجهة من نظام أبل ليزا. لكن في عام
1987 قامت آبل برفع دعوى ضد مايكروسفت بتهمة سرقة واجهة المستخدم الرسومية
ماك التابعة لها ، لكن آبل قبل فترة من ذلك قام بسرقة نفس الواجهة من
زيروكس !
2 . مايكروسوفت لا تهتم بأمن وسلامة مستخدميها
بالكاد قد قرأت عناوين مثل "أبل تحذر المستخدمين حول ثغرة أمنية خطيرة"، أو
"ريدهات تطلق تحديث لتصحيح ثغرة خطيرة في نظامها". ذلك لأن عدد قليل من
المبرمجين من يكلفون أنفسهم عناء كتابة أكواد برمجية خبيثة وفيروسات
الكمبيوتر الضارة لنظام التشغيل Mac OS X أو Linux. والسبب بسيط جدا: لو
كنت هاكر وكان هدفك هو نشر فيروسك على عدد كبير من الأجهزة ، فبالتأكيد أنك
ستركز كل جهودك لنظام التشغيل المستخدم من قبل أكثر من 90٪ من مستخدمي
الكمبيوتر في العالم.
على الرغم من الانتقادات الغاضبة والمتواصلة لضعف الأمن من نظام التشغيل
ويندوز، فمن الخطأ أن نقول أن مايكروسوفت لا تهتم لسلامة وأمن عملائها
ومستخدميها. مايكروسوفت توظف بعض من ألمع العقول في مجال الأمن والحماية،
بما في ذلك قائد الامن مايكل هوارد والخبير الأمني كريسبين كوان. في
السنوات الأخيرة، فقد أطلقت الشركة عدة مبادرات للأمن على المدى الطويل،
بما في ذلك الحوسبة الموثوقة وغيرها.ومازالت الشركة تحسن من الثغرات
المكتشفة في أنظمتها ،رغم ان الجميع مستاء من التأخر في اطلاق هذه
التحديثات ، لكن من الأمور التي صاحبت إطلاق الشركة لنظامها الجديد "ويندوز
10" هو أنها ستعمل على إطلاق تحديثات مثالية بدل الانتظار لصدور التحديث
الشامل. وهذه خطوة ستعزز كذلك صورة مايكروسوفت الأمنية .
3. مايكروسوفت والاحتكار الطبيعي
التعريف الحقيقي للاحتكار الطبيعي هو في الواقع مختلف تماما عن المعنى
التقليدي. في لغة الاقتصاديين الاحتكار الطبيعي هو الشركة التي يسمح لها
باحتكار الصناعة،التي تكون فيها مصلحة للدولة وللمستهلك.
في معظم المدن والمناطق الحضرية، لم يكن ممكنا لك اختيار أي من شركة
الكهرباء التي ستستخدم. هذا لأن هناك حاجزا كبيرا أمام دخول شركات الكهرباء
أخرى للمنافسة. لأنها ستحتاج لبناء محطات توليد الكهرباء وآلاف كيلومتر
من الكابلات لإنشاء البنية التحتية.
نفس السيناريو ينطبق على شركة مايكروسوفت في صناعة الكمبيوتر. فهذه الشركة تملك 90٪ من سوق أنظمة التشغيل في العالم
، وتتمتع مايكروسوفت بايرادات مالية ضخمة الحجم. على سبيل المثال،لا يمكن
لمطوري البرامج وحتى الشركات صغيرة أن تنفق بقدر ما تنفقه مايكروسوفت في
تطوير وتسويق منتجاتها. مايكروسوفت تستخدم "قوتها السوقية الغير عادية
وأرباح هائلة" ليس فقط لإقامة حواجز أعلى أمام دخول المنافسين .بل تقوم
كذلك بتهديد وترهيب كل من يتجرأ على منافستها وطبعا هذا بتعبير مجازي فقط
!
4.مايكروسوفت ليست مبتكرة
مايكروسوفت لديها سمعة سيئة في اوساط شركات البرمجيات في ما يتعلق
بالابتكار. وبعبارة أخرى، مايكروسوفت تقوم فقط بشراء والاستحواذ على اي
فكرة جديدة. على سبيل المثال، فإن بيل غيتس ومن معه لم يبتكروا نظام MS-DOS
فهم فقط قاموا بشراء ما يسمى QDOS (اختصار لنظام التشغيل Quick وDirty
Operating System) ،وقاموا بتعديلات عليه ومن ثم رخصوا لشركة IBM باستخدامه
في حواسيبها مقابل عائدات مالية مهمة .
كما أنها لم تكتب كود إنترنت إكسبلورر.بل قامت بشراءة شفرة المصدر مرخصة من
شركةSpyglass Inc صاحبة المتصفح Mosaic الأمر الذي جعل مايكروسوفت تستخدم
نفس الشفرة المصدرية لمدة ثلاثة أو أربعة إصدارات من متصفحهاIE.
المدافعين عن مايكروسوفت يعلمون جيدا أن الشركة ليست بتلك الطفرة
التكنولوجية الكبرى ،الا أن لها بعض من أكثر الأفكار الابداعية. فلا احد
خطرت على باله فكرة بيع البرامج والأجهزة بشكل منفصل.بل أن توقعات بيل جيتس
في إمكانات المالية المربحة في بيع تراخيص نظام التشغيل إلى العشرات من
شركات تصنيع أجهزة الكمبيوتر المختلفة، كانت ناجحة .وهذا ما أكدته دراسة
عرضت في معهد هارفارد للأعمال في أسرار نجاح مايكروسوفت، وأشاروا إلى نهج
الشركة المبتكر في ما يخص الملكية الفكرية.
5.بيل غيتس هو كل الشر
من المسلّمات ان كل شخص ناجح يتعرض لجميع أنواع النقد بل والتجريح أحيانا والتشكيك في نواياه وما الى ذلك ، لكن رغم ذلك
عندما أعلن غيتس أنه سينسحب من مجلس ادراة مايكروسوفت في شهر يوليو 2008
،كُتب عنه العديد والعديد من المقالات عن إرثه ، و مقارنته بهنري فورد،
الشخص الأخر الذي ابتكر تكنولوجيا مكلفة ومتطورة وطور وسيلة بارعة لبيعها
للجماهير.
في فترته الطويلة التي قضاها بيل غيتس في مايكروسوفت استطاع ان يوصل جهاز
الكمبيوتر الى كل مكتب وفي كل بيت بأكثر من 1.75 مليار جهاز كمبيوتر في
جميع أنحاء العالم منذ عام 1981.
عدد قليل من الصحفيين والخبراء اختاروا مقارنة بيل غيتس بهنري فورد ، ولكن
المقارنة قد تكون أكثر ملاءمة مع أندرو كارنيجي، بارون في مجال أنتاج
الفولاذ خصوصا في مرحلة من حياته التي كرسها للعمل الخيري. عندما توفي في
عام 1919، تخل عن ثرواته بصورة كاملة وأسس المتاحف والمكتبات والحدائق
والعديد من المنظمات الخيرية.
بيل غيتس قد يكون مذنبا بارتكاب العديد من التكتيكات الاحتيالية في مجال
الأعمال والمال والتي تستحق الشجب، ولكنه في الجانب الأخر هو أكثر الناس
تبرعا بماله في التاريخ . وقد استثمرت مؤسسة بيل وميليندا غيتس عشرات
المليارات من الدولارات في القضاء على الفقر والمرض في الدول النامية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق